ملخص: يستعرض هذا المقال الكمال التشريعي في الإسلام كدليل على نبوة النبي محمد ﷺ، من خلال ثلاثة جوانب رئيسية: تطبيق النظام التشريعي الإسلامي الناجح عبر التاريخ في دول مختلفة، ونجاح الاقتصاد الإسلامي في العصر الحديث، وفعالية النظام الجزائي الإسلامي في تحقيق الأمن والاستقرار. يوضح المقال كيف أن شمولية ونجاح هذه الأنظمة لا يمكن أن تكون من صنع بشري، بل هي دليل على الوحي الإلهي الذي تلقاه النبي محمد ﷺ. يختتم المقال بالتأكيد على أن الكمال التشريعي في الإسلام هو دليل قاطع على صدق نبوة النبي محمد ﷺ، وأن هذا الدين هو الحق والعدل والرحمة لكل زمان ومكان.
الكمال التشريعي في الإسلام: دليلٌ ساطع على نبوة محمد ﷺ
أسئلة المقال:
1) كيف يعتبر الكمال التشريعي في الإسلام دليلًا على نبوة محمد ﷺ؟
2) ما هي الأدلة على نجاح تطبيق النظام التشريعي الإسلامي عبر التاريخ في دول مختلفة؟
3) كيف أثبت الاقتصاد الإسلامي نجاحه في العصر الحديث، وكيف يدل ذلك على صدق نبوة محمد ﷺ؟
4) ما هي مميزات النظام الجزائي الإسلامي، وكيف يثبت فعاليته في تحقيق الأمن والاستقرار؟
5) لماذا يعتبر شمول وتكامل الشريعة الإسلامية دليلاً على أنها وحي إلهي وليست من صنع بشر؟
المقدّمة:
هل تساءلت يومًا عن السرّ وراء شمولية الإسلام وجاذبيته في كافة مجالات الحياة؟ كيف يمكن لدين أن يقدم حلولًا متكاملة لكل التحديات التي قد تواجهها الإنسانية؟ كيف يمكن لدين أن يجمع بين الروحانية العميقة والأخلاق الرفيعة والتنظيم الدقيق لمختلف جوانب الحياة؟ هذه الأسئلة تفتح أمامنا بابًا واسعًا للتأمل في شريعة الإسلام وكمالها التشريعي الذي يعتبر دليلًا قويًا على نبوة النبي محمد ﷺ.
لقد تحدثنا في مقالات سابقة عن دلائل النبوة من خلال إخبار النبي ﷺ بالمغيبات الماضية والمستقبلية. وفي هذا المقال سننتقل إلى نوع آخر من الدلائل التي تثبت صدق نبوة النبي محمد ﷺ، وهو الكمال التشريعي في الإسلام. فلو لم يكن للنبي محمد ﷺ برهان على صدق نبوته إلا هذه الشريعة السمحة البيضاء التي استنارت بها الدنيا وابتهجت، لكفى بها برهانًا.
دين الإسلام هو أكمل الأديان وأشملها، حيث يحوي من المحاسن والجلال والجمال والكمال ما يقتضي إذعان المنصف بالشهادة لله سبحانه بالحكمة المطلقة، ولنبيه محمد ﷺ بأنه رسول حقًا، وصادق في كل ما أتى به. هذه الشريعة جاءت لتكون كفيلاً بسعادة الدارين، قال الله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [آل عمران: 164].
في مقالنا هذا، سنستعرض كيف أن كمال شريعة الإسلام، يعتبر دليلًا قويًا على نبوة النبي محمد ﷺ. وسنبين كيف أنها جاءت لإصلاح الدين والدنيا، وكيف أن تفاصيلها البديعة تشهد على أن مصدرها إلهي، وليس من عند بشر.
دلائل الكمال التشريعي على نبوة النبي محمد ﷺ:
عند النظر في الشريعة الإسلامية، يتجلى لنا كمالها وشموليتها التي تجعلها قادرة على تلبية احتياجات الإنسان في مختلف جوانب حياته. في هذا السياق، سنستعرض ثلاثة جوانب رئيسية تظهر بوضوح كيف أن هذا النظام التشريعي المتكامل يعد دليلًا على صدق نبوة النبي محمد ﷺ.
أولًا: تطبيق النظام التشريعي الإسلامي على مرّ التاريخ
لقد أثبت النظام التشريعي الإسلامي نجاحه في بعض أكبر الدول عبر التاريخ وفي أنحاء مختلفة من العالم. تم تطبيقه في الدولة الأموية، والدولة العباسية، والأندلس، ودولة المغول، والدولة العثمانية، وعشرات الدول الأخرى عبر التاريخ، وحتى دول حديثة في هذا العصر مثل المملكة العربية السعودية. هذه الدول كانت من أكثر الدول نجاحًا وقوة في عصرها، حيث ازدهرت في ظل تطبيق الشريعة الإسلامية. هذه الشريعة لم تكن مجرد قوانين جامدة، بل جمعت بين الرسوخ في الثوابت مع التكيّف مع متغيرات الزمان والمكان في قضايا أخرى، ويلبي احتياجات الناس في مختلف الظروف.
كيف يمكن لرجل أمي، عاش في وسط الصحراء القاحلة، أن يأتي بمثل هذا النظام المتكامل الذي استطاع أن يحكم به أممًا عظيمة؟ إن التفكير المنطقي يقودنا إلى الاعتراف بأن هذا النظام التشريعي لم يكن من عند نفسه، بل هو وحي من الله تعالى. لقد جاء النبي محمد ﷺ بشريعة تستطيع أن تنظم حياة المجتمعات بشكل عادل ومستقر، وهذا ما يعجز عن تحقيقه أي نظام وضعي بشري.
ثانيًا: نجاح الاقتصاد الإسلامي في العصر الحديث
الاقتصاد الإسلامي أثبت نجاحه عبر التاريخ وحتى في هذا العصر الحديث، وأصبح من أكثر الاقتصادات نموًا في العالم. يتم تدريسه في بعض أرقى الجامعات حتى في الدول غير الإسلامية. النظام المالي الإسلامي يعتمد على مبدأ الشراكة والعدل وتوزيع الثروة بشكل عادل، مما يحافظ على الاستقرار الاقتصادي ويعزز النمو.
نجد في موقع البنك الدولي التعريف بالاقتصاد الإسلامي بالشكل الآتي:
"برز الاقتصاد الإسلامي كأداة فعالة لتمويل التنمية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في الدول غير المسلمة. تكتشف الأسواق المالية الكبرى أدلة قوية على أن المالية الإسلامية قد أصبحت جزءًا من النظام المالي العالمي، وأن لديها القدرة على المساعدة في مواجهة تحديات إنهاء الفقر المدقع وتعزيز الازدهار المشترك"[1].
كيف يمكن لنبي أمي أن يأتي بمثل هذا النظام الاقتصادي المتقدم، الذي لا يزال حتى اليوم يحقق نجاحًا في مختلف أنحاء العالم؟ هذا النظام المالي الفريد لم يكن ليتأتى من فكر بشري محدود، بل هو وحي إلهي يدل على صدق نبوة النبي محمد ﷺ. إن النظام الاقتصادي الإسلامي يثبت أن الشريعة الإسلامية جاءت لصلاح الناس في كل زمان ومكان، وتؤكد أنها ليست نتاج فكر إنساني محدود، بل هي توجيه رباني حكيم.
ثالثًا: فعالية النظام الجزائي الإسلامي
العالم المعاصر يعاني بشكل كبير من مشاكل الإجرام، حتى في بعض الدول الأكثر تقدمًا والتي تمتلك أقوى الأجهزة الأمنية المعاصرة. على النقيض من ذلك، فإن النظام الجزائي الإسلامي الصارم يثبت فعاليته في حل هذه المشكلات. عندما يتم تطبيق الشريعة الإسلامية بشكل صحيح، نجد أن الجرائم تتراجع بشكل سريع جدًا، ويعم الأمن والاستقرار.
النظام الجزائي في الإسلام يعتمد على تحقيق العدالة والردع، وفي نفس الوقت يحمل في طياته الرحمة. الحدود والعقوبات في الإسلام تهدف إلى حماية المجتمع وردع المجرمين، وفي نفس الوقت، توفر فرصًا للتوبة والإصلاح. قال الطبيب الأمريكي لورنس براون: "ليس هناك في تاريخ الإنسانية قوانين أنجع في تقييد شرور الجريمة والاغتصابات والسرقة والزنا، واللواط والخمر والمخدرات من القانون الإسلامي"[2]. كيف يمكن لنبي أمي أن يضع مثل هذا النظام القضائي المتكامل، الذي يحقق التوازن بين العدل والرحمة؟
النظام الجزائي الإسلامي ليس فقط نظامًا عقابيًا، بل هو نظام إصلاحي يهدف إلى بناء مجتمع آمن ومستقر. إن القدرة على وضع مثل هذا النظام الفريد والمتوازن هو دليل آخر على أن النبي محمد ﷺ كان يتلقى وحيًا من الله تعالى، وأن هذه الشريعة جاءت لتكون نظامًا كاملاً وشاملاً للحياة.
خاتمة:
إن التأمل في شريعة الإسلام وكمالها التشريعي يقودنا إلى حقيقة واضحة لا لبس فيها: لا يمكن لأي إنسان، مهما بلغ من الذكاء والعلم، أن يأتي بمثل هذه الشريعة المتكاملة. فكيف لرجل أمي عاش في ومكة بعيدً عن المدارس والمعاهد، أن يضع نظامًا شاملًا يغطي جميع جوانب الحياة بكل هذه الدقة والعمق؟
إن شريعة الإسلام لم تغفل جانبًا من جوانب الحياة، بل جاءت لتكون دليلًا كاملًا للسعادة في الدنيا والآخرة. وسيأتي عدد من المقالات في الموقع تبرز هذا الأمر أكثر. فلقد وضعت هذه الشريعة نظمًا اقتصادية واجتماعية وأخلاقية وقانونية متكاملة، تتحدى العقل البشري وتفوق قدراته المحدودة. فهل يعقل أن رجلًا أميًا يمكنه أن يبدع هذه الشريعة بنفسه؟
إن الكمال التشريعي في الإسلام هو برهان ساطع على أن النبي محمد ﷺ لم يكن يتحدث من تلقاء نفسه، بل كان يوحى إليه من الله. هذا النظام الشامل، الذي لم يتطلب تعديلات جوهرية منذ أكثر من 1400 عام، يتفوق على الأنظمة الحديثة التي تحتاج دائمًا إلى مراجعات وتعديلات.
إنه لمن المعجز أن نجد شريعة توازن بين حقوق الفرد والمجتمع، الروح والجسد، الدنيا والآخرة، وتحقق العدالة والرحمة في كل جوانبها. فكيف لرجل أمي أن يحقق هذا الإنجاز العظيم دون أن يكون متصلًا بوحي إلهي؟ لا يمكن تفسير ذلك إلا بكون النبي محمد ﷺ هو رسول من عند الله، الذي يوحي إليه ويعلمه ما لم يكن يعلم.
لذا، فإن الكمال التشريعي في الإسلام ليس مجرد دليل على صدق نبوة النبي محمد ﷺ، بل هو شاهد على حكمة الله البالغة وعلمه الشامل. هذا الكمال والجمال والجلال في التشريع الإسلامي يؤكد لنا أن مصدره إلهي، وأن النبي محمد ﷺ كان صادقًا في كل ما جاء به، وأن الإسلام هو دين الحق والعدل والرحمة لكل زمان ومكان.